طاقة السريان

طاقة السريان

مدخل إلى التوازن بين الداخل والخارج

بقلم ... أ. نجمة أهلي

خلق الله تعالى هذا الكون وفق منظومة دقيقة من القوانين الكونية التي تعكس عظمته ... وترك لنا مهمة اكتشاف سُبل التواصل معه ومع أنفسنا , فعندما ننجح في الاتصال بالكون نكون في الحقيقة قد بدأنا رحلة الاتصال بذواتنا , وهذا الاتصال العميق يقودنا إلى معرفة الحق , ومعرفة الله سبحانه وتعالى.

الكون الذي نحيا فيه ليس فقط مجرد فضاء مادي, بل هو في جوهره مجال كهرومغناطيسي واسع تتخلله الطاقة ... ونحن كبشر جزء من هذا المجال الطاقي , نتفاعل معه ونتأثر به باستمرار , ومن هذا المنطلق فإن أي تغير يطرأ على طاقتنا الداخلية ينعكس على طاقتنا الخارجية والعكس صحيح ...فحين تتغير البيئة المحيطة بنا , فإن ذلك يؤثر علينا بعمق .

قد يبدو هذا المفهوم جديدًا للبعض إلا أن العلوم الحديثة بدأت تسلط الضوء عليه , و لاسيما ما يُعرف بـ"طاقة المكان" أو ما يسمى بـ"الفنغ شوي" وهو علم يُعنى بدراسة تأثير البيئة المادية في الإنسان.

الطبيعة كمصدر للطاقة الإيجابية

لننظر في تجاربنا اليومية ... حين نذهب إلى أماكن طبيعية مثل البحر أو الجبال أو المزارع , نشعر براحة نفسية وهدوء داخلي فهذا الشعور ناتج عن تفاعل أجسادنا مع المجال الطاقي الإيجابي في تلك البيئات الطبيعية ... فحين نتواجد في أماكن خلقها الله تتناغم طاقتنا مع طاقة الأرض , لأننا من تراب , يعني من نفس التكوين ومن هنا يأتي الشعور بالانسجام والتجدد ... هذه البيئات تساعد أجسادنا على التخلص من السموم الطاقية والعاطفية التي تراكمت بداخلنا , وتمكننا من امتصاص طاقة إيجابية نقية من حولنا.

طاقة المكان وتأثيرها على الإنسان

البيئة التي نعيش فيها منازلنا , مكاتبنا , غرفنا ... ليست مجرد أماكن بل هي مجالات طاقيه مشحونة تؤثر في مزاجنا , تفكيرنا وحتى قدراتنا الإنتاجية ... كثيرون يعيشون بتوتر دائم رغم امتلاكهم للصفات الطيبة , والعلم , والثقافة ... وحين نمعن النظر في بيئاتهم نجدها مزدحمة , غير مرتبة , مليئة بأجهزة إلكترونية تصدر ترددات طاقية سلبية ... وهو ما ينعكس مباشرة على سلوكهم وشعورهم الداخلي.

فالفونغ شوي يعمل على ترتيب هذه البيئات بحيث تصبح الطاقة فيها أكثر انسيابية , تمامًا كما تفعل الإبر الصينية في فتح مسارات الطاقة داخل الجسم ... فكلما قلّ الأثاث والزحام , زادت المساحة لسريان الطاقة الحرة ... فالفراغ ليس خواءً بل هو مجال يستقبل الذبذبات , والنظافة والترتيب هما بوابتان لطاقة إيجابية أكبر.

سريان الطاقة في الفكر والمشاعر

وليس المكان وحده من يحتاج إلى تنظيم طاقي بل حتى أفكارنا ومشاعرنا تحتاج إلى سريان ... فالجمود الفكري , والتشدد العقائدي يعرقلان هذا السريان , ويحدان من قدرة الإنسان على التطور, يقول الله تعالى:
(فبشّر عبادي الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه) ... أي أن المرونة والانفتاح الفكري ضرورة للحياة المتجددة.

فإذا كان الإنسان منغلقًا حتى لو سكن قصرًا فخمًا , فإن هذا الانغلاق سينعكس على من حوله , وقد يُفقده التواصل مع أحبّائه.

السريان كقيمة حياتية

السريان لا يعني التسرع ... بل هو استمرارية الحركة والعمل دون انقطاع , هو أن تسمح للطاقة الإيجابية بالتدفق في حياتك دون مقاومة ... فالإنسان الناجح هو من يبسط الأمور , ويخفف من ثقل الشك والخوف , ويسمح للحياة أن تمضي برفق.

فالبركة في جوهرها , هي تجلٍ لهذا السريان , فهي طاقة سباقة تسبق الإنسان إلى الخير , وتفتح له أبواب التوفيق.

ولهذا نقول: "هذا الشخص مبارك" , أو "في هذا المكان بركة" والبركة لا تأتي عشوائيًا بل نتيجة لتوازن داخلي وخارجي وتحقيق الانسجام بين الذات والكون.

نحو حياة متوازنة

حين تعتني بطاقة المكان وتنظّم بيئتك , وتتسامح مع ذاتك , وتسمح لأفكارك ومشاعرك بالحركة والسريان ... ستجد أن أهدافك تبدأ في التحقق شيئًا فشيئًا , وستختبر السلام الداخلي , وتعيش علاقات أكثر دفئًا ... وتشعر بأنك تسير في تناغم مع الحياة.

وفي الختام

فإن السريان الطاقي هو أحد مفاتيح النجاح والتوازن في حياة الإنسان , وهو دعوة إلى التفاعل الإيجابي مع النفس ومع المحيط بروح منفتحة وقلب مطمئن.

وللحديث بقية...

ودمتم بخير

طاقة السريان

تابعني على مواقع التواصل الاجتماعي